تَشكّل نهر أراس نتيجة اندماج العديد من مياه الينابيع في الجبال المحاذية لأرضروم في بينغول، في تركيا، يمر من أرضروم وقارس وإغدير، ليُشكل الحدود الإيرانية الأذربيجانية بعد عبوره بتقاطع الحدود بين تركيا وإيران وأذربيجان، يصل إلى بحر قزوين بعد انضمامه إلى نهر كورا في المنطقة المسماة سوكافوشان في مقاطعتي سعاتلي وصابرآباد في أذربيجان. لذلك يعتبر حوض نهر أراس حوضا واسعا في تركيا، حيث يغطي مناطق في تركيا من أرضروم وأردخان وقارس وآغري وإغدير، وفي إيران يغطي مناطق أورمية وتبريز وأردبيل وجيلان ومازندران وغولستان وجورجان وبارساباد ولاهيجان وساري. أما أذربيجان فيغطي ناخشيفان وخوراديز وإيمشلي وسعاتلي وصابرآباد.

يعتبر نهر أراس وحوضه مهما في تاريخ الأديان حيث إنه منطقة تطور للعديد من الأديان القديمة. وبسبب هذه الميزة، فلطالما تم الحديث عن قدسية هذا النهر، وكان يعتقد أن مياهه دواء شافي لكل الأمراض، قبل وقت طويل من ظهور الإسلام. كانت المنطقة تعرف بأنها منطقة يهودية بسبب وجود اليهود الذين يعيشون في الحوض السفلي للنهر. لهذا السبب، يعتقد أن حوض أراس هو موطن لكثير من أساطير بني إسرائيل، وفضلا عن اليهود، فقد عاش في هذه المنطقة على فترات زمنية مختلفة أيضا الأرمن الغريغوريون والأرثوذكس والملاقان الروس والألبان المسيحيون، من المجتمعات المسيحية.

بدأت الفتوحات الإسلامية الأولى في حوض أراس في فترة الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه، واستمرت خلال فترة الأمويين والعباسيين. بعدها أصبح هذا الحوض تحت سيطرة الإمارات المحلية مثل السامانيين وصاجوغولري والمروانيين. كما وقعت حرب باسنلر التي حصل فيها أول انتصار عظيم على البيزنطيين في هذا الحوض، عندما غزا ألب أرسلان مدينة آني عام 1064، كذلك خضع حوض أراس للحكم السلجوقي. وبعد هذا التاريخ بدأت تظهر العديد من الإمارات والدول مثل الشدّاديون وسلتوق أوغولاري وأق كويونلو وقارا كويونلو وخوارزم شاهلار أنها هي المهيمنة في المنطقة. ومع ذلك فقد كانت المنطقة تحت حكم المغول لفترة قصيرة في القرن الثالث عشر. وخلال فترة ضعف حكم المغول بدأت الدولة العثمانية في اكتساب القوة، لتشهد المنطقة صراعات عسكرية خاصة بين شعب أق كويونلو وقاراكويونلو. كما يمكن القول إن مصير هذه الجغرافيا قد تغير مع قيام الدولة الصفوية.

استمر حوض أراس في الحفاظ على أهميته الاستراتيجية، كما هو الحال في فترة تاريخية من العهد العثماني. كانت المنطقة التي تعتبر بوابة الأناضول إلى جغرافيا القوقاز وشمال إيران مسرحا لصراعات الهيمنة العثمانية الإيرانية والعثمانية الروسية في هذه الفترة. شهد حوض أراس وهو أحد المناطق الجغرافية التي شهدت اندلاع الحرب العالمية الأولى بكثافة، عملية صاري قاميش عام 1914، وتعد إحدى الحروب الأكثر مأساوية في التاريخ التركي الإسلامي.

يعتبر حوض أراس منطقة مهمة للعديد من المجتمعات والأديان والتاريخ الثقافي، حيث شهد قيام منظمات مختلفة  مثل الحكومة التركية- أراس، وحكومة جنوب غربي القوقاز، والعملية الشرقية للنضال الوطني التركي بين عامي 1917-1920. كانت المنطقة منذ العصور الأولى ذاتُ أهمية تجارية لتموقعها على طريق الحرير، وذاتَ أهمية سياسية واجتماعية ودينية وثقافية كبيرة بسبب موقعها الاستراتيجي، وكانت على مستوى متقدم للغاية من حيث الثقافة والحضارة خصوصا. خلال فترة الحكم التركي الإسلامي قام العلماء الذين تخرجوا في المدارس الدينية، وفي مراكز مهمة في الحوض، والعلماء والمتصوفون في التكايا والزوايا ونزل الدراويش، بواجبات مهمة في تتريك وأسلمة هذه المنطقة، حيث رفعوا مستوى الازدهار العلمي في المنطقة بالمؤلفات التي قدموها والطلاب الذين أهلوهم في المدارس الدينية في المراكز الهامة للحوض. مرة أخرى، يغطي حوض أراس المعروف باسم منطقة أذربيجان الواقعة داخل حدود إيران اليوم منطقة جغرافية واسعة، وفي التاريخ الإسلامي قام بتخريج علماء كبار وشعراء عظماء أمثال: شمس التبريزي وصائب التبريزي وشهريار وعبد القادر الجيلاني وبروين إعتصامي وإريج ميرزا وغيرهم.

على الرغم من تنظيم العديد من الندوات المتعلقة بحوض أراس في الماضي القريب، إلا أننا لم نعثر على أي ندوة تهدف إلى التعريف بالعلماء والشخصيات التاريخية وسيرهم الذاتية، علما أن المنطقة تزخر بالعديد من الأسماء والأعلام الذين ينتظرون من يكتشفهم ويعرف بهم، وفي هذا السياق يأتي تنظيم:"الندوة الدولية للعلماء والشخصيات التاريخية لحوض أراس" والتي ستشهدها جامعة إغدير بتركيا، أيام: 21- 22 أكتوبر 2021.